Jun
07

فرصة اللحظة الأخيرة

الكاتب: أبو الجوج


عند ذكر أسماء أساطير مثل جيف هيرست وباولو روسي وروماريو ورونالدو وروجيه ميلا تتبادر إلى الأذهان سلسلة من الذكريات الرائعة عن مسيرتهم الكروية، خصوصاً إنجازاتهم العظيمة في كأس العالم FIFA التي تحظى بمكانة مميزة في تاريخ البطولة.


ولكن هل كنت تعرف أن مشاركة هذه الأساطير الخمس في العرس الكوري العالمي كانت موضع شك قبل أشهر أو أسابيع قليلة من انطلاق البطولة؟ فقد تم إدراج أسمائهم في القوائم النهائية لمنتخباتهم في اللحظات الأخيرة لأسباب وظروف مختلفة. يشكل هذا الخماسي - فضلاً عن حفنة من اللاعبين الآخرين- قائمة فريدة من نوعها من اللاعبين الذين لعبوا أدوراً حاسمة داخل المستطيل الأخضر، وفي الوقت نفسه، أثاروا قصص موازية مثيرة للاهتمام في عالم الساحرة المستديرة.

ماذا لو لم يشارك روسي في كأس العالم أسبانيا 1982؟ أكان سيفوز المنتخب الأسطوري المكون من زيكو وسقراط وزملائهم باللقب العالمي؟ لنفترض جدلاً أن روماريو لم يشارك في الولايات المتحدة الأمريكية 1994، أكانت إيطاليا ستفوز بلقبها العالمي الثالث في تلك النسخة؟ من الواضح أن هذه الأسئلة تقتصر فقط على مجال الإفتراض لأننا نعرف ما حدث بعد ذلك. ولكنه من الجميل أيضاً استحضار هذه الذكريات مع موقع FIFA.com.

دراما الهدافين
يشتهر البرازيل بامتلاكه أفضل المهاجمين في العالم منذ عقود طويلة. ولكن إذا تركنا جانباً اسمي روماريو ورونالدو، فإن بريق هذا المركز سيخفت بشكل ملحوظ، أليس كذلك؟

تشير الوثائق الرسمية المتعلقة بأول كأس العالم احتضنتها أمريكا الشمالية إلى فوز روماريو الملقب بـ "باشينيو" (القصير) بجائزة أفضل هداف في البطولة. ولكن هذه السجلات التاريخية لا تنفي إطلاقاً أن مشاركته في هذه البطولة العالمية كانت موضع شك.

بعد انزعاجه من الجلوس على مقاعد البدلاء في مباراة ودية ضد ألمانيا، قرر المهاجم البرازيلي مغادرة السيليساو لأكثر من سنة ونصف ولم يلعب إلا مباراة واحدة في التصفيات. ولكنه عاد في الوقت المناسب: في سبتمبر/أيلول 1993، عندما كانت البرازيل تحاول تجنب لعب مباراة الملحق ضد أستراليا في حال تعثرها في الجولة الأخيرة أمام أوروجواي.

وسط أجواء مشحونة، وفي حضور أكثر من 100 ألف متفرج في ملعب ماراكانا، استدعى المدرب كارلوس ألبرتو باريرا أخيراً روماريو. في مباراته الوحيدة في التصفيات سجل "باشينيو" هدفين – أحدهما خرافي – ليحجز تذكرة له ولجميع زملائه للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وأكد المهاجم البرازيلي بثقته المعهودة قائلاً: "دائماً عندما كنت ألعب مباراة حاسمة، كنت أبدو أكثر هدوءاً، لذلك كنت آخذ دائماً أفضل القرارات. قلت خلال ذلك الأسبوع إنني سأفوز بتلك المباراة وسأجلب كأس العالم للبرازيل."

بعد ثماني سنوات، عاش رونالدو قصة مختلفة. حيث كان المهاجم قد تعرض لسلسلة من الإصابات في الركبة أجبرته على القيام بعدة عمليات جراحية. كانت مشاركته في كأس العالم 2002 في مهب الريح وبدأت تحوم الشكوك حول إمكانية اعتزاله اللعب نهائياً. لم يلعب رونالدو أي مباراة في التصفيات، ولكن بعد تحقيق السيليساو لتأهل صعب، أبقى المدرب البرازيلي، لويز فيليبي سكولاري، باب قائمته مفتوحاً حتى آخر لحظة لإستقبال مهاجمه. حيث قال مدرب السيليساو "كان يواجه عدة مشاكل للتعافي من الإصابة، ولكنه بالعمل الجاد تمكن من تحقيق ذلك." لم يكتف رونالدو بالتعافي من الإصابة فقط، بل سجل ثمانية أهداف، بما في ذلك هدفين في المباراة النهائية. لقد عاد "الفينومينو" (الظاهرة) من جديد.

ستة أهداف وعدة جوائز
لم تقتصر دراما المهاجمين على السيليساو فقط، بل تعدتها لتصل إلى الأزوري. في عام 1982، كان باولو روسي قد أنهى عقوبة حبسية مدتها سنتين ولم يعد إلى المستطيل الأخضر إلا في شهر أبريل/نيسان، ولكن المدرب إنزو بيرزوت لم يكترث لذلك وأشركه أساسياً رغم البداية السيئة في كأس العالم (ثلاثة تعادلات) وتعرضه للكثير من الإنتقادات.

في الدور الثاني، انطلق قطار روسي ودهس آمال كتيبة تيلي سانتانا بتسجيله ثلاثية، ثم سجل هدفين آخرين ضد بولندا، ليختم مشواره مع الأزوري في تلك البطولة بهدف آخر في النهائي ضد ألمانيا. وقال بيرزوت بهذا الخصوص "بدون روسي، لم نكن نمتلك مهاجم فعال داخل منطقة الجزاء." وأضاف مسترسلاً "كان لاعباً موهوباً وسريعاً جداً وكان دائماً على استعداد لإستغلال أخطاء المدافعين."

في عام 1990، شهدت كرة القدم الإيطالية تألق لاعب مغمور يدعى سالفاتوري "توتو" سكيلاتشي الذي كان قد قضى معظم مسيرته الإحترافية في الدرجة الثانية والثالثة رفقة نادي ميسينا قبل أن ينتقل إلى يوفنتوس عام 1989. وكان موسمه الأول في درجة النخبة كافياً للحصول على مكان في قائمة المشاركين في كأس العالم. حيث كانت تلك هي أول دعوة تُوجه إليه!

بدأ البطولة على مقاعد البدلاء قبل أن يدخل مكان أندريا كارنيفالي في المباراة الأولى أمام النمسا، وبعد ثلاث دقائق من دخوله أرضية الملعب سجل هدف الفوز. ثم سجل بعد ذلك خمسة أهداف أخرى ليفوز بجائزة أفضل هداف في البطولة. واعترف ابن صقلية الذي سجل بعد تلك البطولة هدفاً واحداً فقط مع الأزوري ليودع المنتخب في سبتمبر/أيلول 1991 قائلاً: "لا أحد كان يتوقع ما حدث لي. هناك فترات في مسيرة اللاعب يمكنه خلالها فعل كل شيء. كنت أسجل الأهداف من جميع الزوايا. كان الأمر بمثابة حلم. لا شك أن من في السماء قرر أن يصبح توتو سكيلاتشي بطل إيطاليا."

الكهل والسير
في عام 1990 أيضاً، بلغ لاعب مخضرم المجد على الملاعب الإيطالية في سن الـ38 بعد أن كان قد أعلن اعتزاله اللعب مع المنتخب الوطني. نتحدث عن معبود الجماهير الكاميرونية، روجيه ميلا، الذي عاد ليخوض ثاني مشاركاته في كأس العالم ويسجل أربعة أهداف، بعد أن كان قد واجه الإيطالي روسي في كأس العالم 1982.

وقال ميلا لموقع FIFA.com متذكراً الأداء الكبير الذي قدمته الأسود غير المروضة قبل إقصائها من الدور ربع النهائي "أفتخر كثيراً بأن الجماهير الكاميرونية هي التي شجعتني على العودة." ثم أردف مسترسلاً: "لدى عودتي إلى صفوف المنتخب استقبلني الشباب بحفاوة، ولكنهم بعد ذلك دخلوا في منافسة شديدة معي إلى أن سجلت أولى أهدافي وأعدت الأمور إلى نصابها."

لم يفكر ميلا في الإعتزال وبعد أن تأهلت الكاميرون إلى نهائيات كأس العالم 1994، أصبح أكبر لاعب يهز الشباك في البطولة العالمية عن سن يناهز 42 عاماً. وكان ذلك ختام مسك لمسيرة كروية ناجحة ونقطة بداية الأسطورة.

في سن الـ24، سجل السير جيفري تشارلز هيرست أول ظهور له مع منتخب انجلترا، قبيل انطلاق فعاليات كأس العالم، في مباراة ودية ضد ألمانيا يوم 23 فبراير/شباط 1966. وبعد اجتيازه هذا الإختبار بنجاح، حجز اللاعب مكانه في فريق البلد المضيف. ولكن بعد أدائه الباهت في مباراتين تحضيريتين قبيل انطلاق البطولة، جلس جيفري على مقاعد البدلاء لمشاهدة جيمي جريفز وروجر هانت فوق المستطيل الأخضر.

حيث راهن المدرب آلف رامسي في المباريات الثلاث الأولى على هذا الثنائي إلى أن أصيب جريفز بجرح عميق في ساقه ليدخل مكانه في التشكيلة الرسمية الشاب هيرست لمواجهة الأرجنتين في الدور ربع النهائي. سجل هيرست هدف الفوز في تلك المباراة وفرض نفسه أساسياً بعد ذلك ليصبح اللاعب الوحيد في التاريخ الذي سجل ثلاثية في نهائي كأس العالم. حدث كل هذا بعد أن قاوم رامسي ضغوطاً قوية لإعادة جريفز إلى التشكيلة الأساسية.

وقال هيرست لموقع FIFA.com "إذا نظرت إلى تاريخ إنجاز إنجلترا عام 1966، ستجد أن مارتين بيترز لم يدافع عن ألوان إنجلترا إلا قبل شهرين من انطلاق كأس العالم، وأنا خضت أول مباراة دولية لي في فبراير/شباط من ذلك العام، وكلانا سجل في المباراة النهائية!" ثم أردف مسترسلاً: " وبالتالي عندما يعتبر البعض بأن هذه البطولة تأتي في وقت مبكر للشبان، أقول بأن التاريخ أثبت عكس ذلك."

تألق غير عادي لحارس مرمى ومدافع
لا تقتصر هذه القائمة على الهدافين فحسب، فهناك بعض اللاعبين الذي شاركوا في كأس العالم وتألقوا بعد صدهم أهداف محققة مثل الأرجنتيني سيرجيو جويكوتشيا الذي لم ينجح ميلا في تسجيل أي هدف في مرماه في إيطاليا 1990، عكس المهاجم سكيلاتشي. فبعد رفض لويس إيسلاس البقاء على مقاعد البدلاء، تم استدعاء جويكوتشيا للقيام بنفس الدور الذي يقوم به في فريق ريفر بليت: الجلوس على دكة البدلاء كبديل للحارس نيري بومبيدو. وبعد تعرض هذا الأخير لإصابة في المباراة الثانية ضد الاتحاد السوفييتي، دخل جويكوتشيا مكانه ليتألق بشكل غير عادي، خصوصاً  في صد ضربات الترجيح ضد يوغوسلافيا وإيطاليا، ليقود الأرجنتين إلى المباراة النهائية.

وكانت الأرجنتين قد عاشت قصة مماثلة في المكسيك 1986 عندما فازت بثاني ألقابها العالمية. حيث كان المدافع خوسيه "تاتا" براون قد تعرض لإصابة خطيرة في الركبة قبل عامين وواجه صعوبات كبيرة في استعادة مستواه المعهود. وبعد عودته من كولومبيا للعب مع فريق ديبورتيفو إسبانيول المتواضع كان لا يزال يعاني من مشاكل في الركبة، ورغم خوضه بضع مباريات، كان لا يزال بعيداً عن مستواه، ولكن مدرب المنتخب، كارلوس بيلاردو، لم يكترث لذلك.

تدرب براون رفقة زملائه وتم إدراج اسمه في القائمة النهائية رغم الإنتقادات. لم يصدق المدافع الأرجنتيني ذلك وزادت دهشته عندما قرر المدرب إشراكه أساسياً في أولى مباريات المنتخب الأرجنتيني في البطولة مكان دانيال باساريلا المصاب. وتذكر "تاتا" في مقابلة مع مجلة "إل جرافيكو" ما حدث له قائلاً: "لم يخبرني أحد بالأمر. كنت أتناول وجبة الإفطار عندما تحدث معي كارلوس قائلاً: "مرحبا براون، كيف حالك؟ أجبته: "بخير، وأخيراً جاء اليوم المنتظر" ثم استدار وصاح قائلاً: "براون، ستلعب هذه المباراة".

لعب المدافع الأرجنتيني جميع مباريات منتخبه في كأس العالم وسجل الهدف الأول في المباراة النهائية ضد ألمانيا، حيث قام بدفع دييجو مارادونا للقفز داخل منطقة الجزاء وضرب الكرة بالرأس لينطلق محتفلاً بهدفه دون أن يشاهد أين استقرت الكرة. بكى فوق أرضية الميدان خلال احتفاله كما بكي عندما تلقى برقية من عائلته في غرفة خلع الملابس قبل انطلاق البطولة. وقال بهذا الخصوص "هم يعرفون جيداً ما عانيته للوصول إلى هناك، لقد كافحت خلال عامين للتعافي من إصابتي في الركبة."

قبيل أسبوع من انطلاق المنافسة في البرازيل 2014، هناك أكثر من 736 لاعباً يستعدون لخوض نهائيات كأس العالم، وكل واحد منهم في جعبته قصة مختلفة يرويها بعد أن يعيشها غالباً مع منتخبه. البعض منهم يصل في آخر اللحظات لإقناع مدربه، ولكنهم كلهم أمامهم فرصة لصنع التاريخ.

http://ar.fifa.com/mm//Photo/Classic/Players/01/49/79/88/1497988_FULL-LND.jpg



جدول  ترتيب الأندية  البرازيلية

قصة حياة

ريفيلينو
ريفيلينو

البرازيل في نهائيات كأس العالم


البرازيل في كوبا أميركا


ذكريات رونالدو