نسمع بعض المتابعين لكرة القدم اليوم (جيل ميسي) يستهينون بالجوهرة السوداء بيليه ولا يعتبرونه من بين أفضل اللاعبين فضلا عن اعتباره أفضل لاعب في التاريخ ، ولأنهم شاهدوا مارادونا يسجل هدفا خارقا في كأس العالم 86 فإنهم يعتبرونه الأفضل ، ولأنهم شاهدوا ميسي يتألق لثلاثة مواسم فإنهم يجزمون أنه الافضل

  أما من يقول إن بيليه هو الأفضل إنما يقول ذلك لهذه الاعتبارات :

1- لاعتبار المدة : ففي حين يتألق اللاعبون النجوم لسنة أو لسنتين أو لاربع سنوات (كما فعل مارادونا) فإن بيليه هيمن على حقبة امتدت لحوالي 12 سنة كاملة من التألق والانفراد بالأفضلية على الساحة العالمية وذلك هو ما أعطى للرقم 10 تلك النكهة والأسطورية .

2- لاعتبار الاستمرارية في الأداء : الذي يتابع استمرارية ميسي في الابهار والنجومية وتسجيل الأهداف بغزارة وتحطيم الأرقام القياسية مع برشلونة خلال السنوات الثلاث الأخيرة فهو كمن تابع بيليه الذي استمر في الابداع والابهار والعبقرية لأكثر من عشرة مواسم محققا الكثير من الانجازات وكاسرا العديد من الارقام سواء مع المنتخب أو النادي

3- بالاعتبار الفني (الخصائص والمميزات ونقاط القوة والتكامل) : هذه قد يهتم بها المدربون الذين يرون اللاعبين من زاوية إمكاناتهم الفنية ونقاط القوة التي يمتلكونها وقد يفيدون بها الفريق ويقررون بها مصير المباريات ، فبيليه كان آلة تهديف سواء بقدرته المتفردة على تسجيل الأهداف أو صناعتها لزملائه ، وبيليه كان صانعا مميزا للالعاب وخطيرا جدا في التعامل مع الكرات الثابتة ، وبيليه كان يتقن استخدام كلتا قدميه بمهارة وقوة ودقة لا نظير لها ، وبيليه كان يتقن التسديد برأسه سواء في الكرات العالية أو المنخفضة كما كان يتقن تسجيل الأهداف بالطرق الأكروباتية ، وبيليه كان يجيد التعامل مع الكرة ومداعبتها برشاقة ودقة وذكاء ومكر سيما في المساحات الضيقة ، وكان مراوغا بارعا جدا يجيد الاختراق بالكرة من العمق والاحتفاظ بها وقد سجل العديد من الأهداف الأسطورية التي كان يخترق فيها خط الدفاع بأكمله في مناسبات القليل منها فقط تم توثيقه بالفيديو والباقي تم توثيقه بشهادة اللاعبين الذين حضروه ، وبيليه كان لاعبا في منتهى الذكاء والابداع والعبقرية التي تنتزع الاعجاب والذهول والآهات ونذكر تعامله مع حارس مرمى الاوروغواي في نصف نهائي كأس العالم 1970 حين موه بجسده ولم يلمس الكرة ثم التقفها من الجهة الأخرى في عملية حسابية سريعة ودقيقة ومذهلة ، وبيليه كان لاعبا جماعيا يوظف إمكانياته في خدمة الفريق كما كان يشارك في الدفاع ، وباختصار كان هذا اللاعب سلاحا فتاكا في يد أي مدرب يمكنه أن يغير نتيجة المباراة في أي لحظة وبأي طريقة .

4- لاعتبار النتائج : لا يوجد لاعب يمكنه مضاهاة بيليه فيما حققه من انجازات فردية وجماعية ، فهو الذي فاز بمعظم بطولات الدوري التي شارك فيها محققا لقب الهداف أكثر من عشرة مواسم ، وهو الذي فاز بالكأس القارية وبكأس العالم للأندية متفوقا على الأندية الأوروبية حينذاك أكثر من مرة ، وهو الذي فاز بكأس العالم مع منتخب البرازيل ثلاث مرات ، وهو حتى اللحظة أكثر اللاعبين الذين سجلوا لمنتخب البرازيل في التاريخ رغم انه ليس أكثر من لعب له ، وهو الذي سجل 1282 هدفا في مسيرته وهو رقم تعجيزي يصعب كسره إلا لو سجل أحد اللاعبين 100 هدف في كل موسم لمدة 12 سنة.

5- لاعتبار التكريم الذي حظي به : لا يوجد لاعب في البرازيل صدر به طابع بريدي سوى بيليه ، ولا يوجد لاعب في البرازيل تم تصنيفه ككنز وطني لا يمكن بيعه للخارج سوى بيليه ، ولا يوجد لاعب يوجد له أكثر من تمثال في العالم سوى بيليه ، ولا يوجد لاعب في البرازيل تم تعيينه وزيرا للرياضة سوى بيليه ، ولا يوجد لاعب أوقفت الحرب لأجله سوى بيليه ، ولا يوجد لاعب طرده الحكم فأصر الجمهور على إرجاعه وتغيير حكم المباراة سوى بيليه ، ولا يوجد لاعب اضطرت الفيفا للاعلان عن غيابه قبل بيع التذاكر للجمهور الذي جاء لرؤيته سوى بيليه ، وبيليه هو اللاعب الوحيد الذي اعتبرته اللجنة الأولمبية الدولية رياضيا للقرن الماضي (يعني لا دخل للفيفا في هذا الاختيار)